*
الخميس: 11 ديسمبر 2025
  • 15 تموز 2025
  • 13:55
 أين نحن من تحقيق أهداف الخطة الحضرية
الكاتب: د. مراد الكلالده

خبرني - قدمت المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضرية بالنيابة عن الحكومة الأردنية التقرير الوطني الثاني لمتابعة الخطة الحضرية الجديدة، كإلتزام سياسي ومؤسسي، وهي الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للإسكان والتنمية الحضرية المستدامة، الموئل الثالث الذي عقد في كيتو بالإكوادور في أكتوبر 2016.

تهدف الأجندة الجديدة New Urban Agenda إلى توجيه التنمية الحضرية في العالم نحو مدن أكثر استدامة، وشمولية، وأمان، ومرونة على مدى السنوات القادمة. وتستند الى عدة محاور مثل العدالة والشمول الحضري، والاستدامة والمرونة، والإزدهار الإقتصادي والتنمية الحضرية، والحوكمة الحضرية والمشاركة المجتمعية.

ويسجل للمملكة سعيها لتحسين موقعها بالتصنيفات العالمية، منها مدى تحقيقها لأهداف التنمية المستدامة SDGs وبالأخص الهدف 11: جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة. وفي الغايات التفصيلية لهذا الهدف، نجد التركيز السعي لضمان حصول الجميع على سكن ملائم وآمن وميسور التكلفة، وتحسين الأحياء الفقيرة، وكذلك توفير أنظمة نقل آمنة ومستدامة للجميع، مع التركيز على الفئات الضعيفة، وتعزيز التخطيط الحضري الشامل والمستدام، وضمان حصول الجميع على المساحات العامة والآمنة والميسورة وخاصة للنساء والأطفال وكبار السن.

وفي الإطار الزمني للأجندة، نجد أن الوقت المتبقي لتحقيق ما تقدم هو خمس سنوات، فهل نحن قريبين من تحقيق هذا الهدف والأهداف الستة عشر الإضافية المطلوبة.

إن المتفحص للتقييم الدوري الذي تنشره الأمم المتحدة، نجد أن تصنيف الأردن بالعام 2023 جاء بالمرتبة 77 من أصل 166 دولة، وتراجع بالعام 2024 للمرتبة 85 من أصل 167 دولة، فلماذا هذا التراجع.

في مجال تخطيط مدن تهدف الخطة للوصول إلى مدن متماسكة ومترابطة تقلل من انبعاثات الكربون، فهل ساعدت سياسة تخفيض الضريبة على السيارات من تقليل أعداد السيارات الخاصة أم زادتها، وهل أطلقت الحكومة مشاريع للقطارات الخفيفة، أو وفرت الفراغ الحضري للدرجات الهوائية ومسارات للمشي. أن القاريء للتقرير المقدم يجد بالصفحة (57) منه، يلاحظ التهرب من التطرق لهذا الموضوع، الذي يخفض من مستوى جودة الحياة في المدن، مما سيؤثر على التقييم القادم للمملكة.

أما في مجال الحوكمة الحضرية والمشاركة المجتمعية، والتي تهدف الى تعزيز الحوكمة متعددة المستويات واللامركزية وإشراك المواطنين في اتخاذ القرارات الحضرية، فهل تم تطبيق ذلك بالأردن؟

صحيح أن هناك بالأردن تشريع قوي ينظم الحوكمة الحضرية، وهو قانون تنظيم المدن والقرى والأبنية رقم 79 لسنة 1966 والذي يحدد بشكل صريح ثلاث مستويات للتخطيط، هي المخططات الإقليمية Regional Plans، والمخططات الهيكلية Structural/Master Plans، والمخططات التفصيلية Detailed Plans.

هذه المستويات تتوافق مع مبدأ الحوكمة متعددة المستويات وتهدف إلى توجيه التنمية الحضرية ضمن إطار تشاركي من خلال لجان محلية ولوائية وعليا. المشكلة هي أن هذا القانون شبه مجمد، مع ان كثير من أنظمة البناء صادره بموجبه، وهي تعدل على الدوام، ولكن الأصل ثابت او مغيب. إن جميع المحافظات (بإستثناء العقبة وبعض المناطق التنموية) تفتقر الى مخططات إقليمية أو هيكلية، فكيف يتم ضبط النمو الحضري بدون هذه المخططات، وهل كانت عمّان ستلتحم مع الرصيفة والزرقاء شرقاً ومع السلط غرباً مشكلة تكتيل حضري مفرط Over-agglomeration  لو وجدت مخططات هيكلية تضبط حدود المغلف الحضري، أكيد لا.

 أما بخصوص اللامركزية وتعدد مستويات للحكم التي نصت عليها الأجندة الحضرية صراحة، فهي موجودة شكلياً من خلال اللجان المحلية في البلديات، ولجان التنظيم اللوائية، ومجلس التنظيم الأعلى، لكن فعليًا القرارات الحاسمة ما زالت مركزية في عمّان أو لدى الجهات العليا مثل وزارة الإدارة المحلية أو مجلس التنظيم الأعلى، والمجالس البلدية المنتخبة كثيرًا ما تكون محدودة الصلاحيات في مسائل التخطيط الكبرى، وهناك ضعف في تفويض الصلاحيات الفنية لمجالس المحافظات، فاللامركزية لا تزال إدارية أكثر منها تخطيطية، وموازناتهم هزيلة لا تكفي لبناء مدرسة نموذجية بمحافظة.   

إن السعي لتحقيق أهداف الأجندة الحضرية يساعد المملكة في التخفيف من الإختناقات المرورية التي تستهلك موازنات ووقت وأعصاب السكان، وتقلل الضغط على البنية التحتية، حيث أصبحت المياه غير قادرة للوصول للطوابق العلوية، واتخمت شبكات الصرف الصحي، وارتفعت كلف السكن بما لا يطيقه حتى أصحاب الدخل المتوسط، وأخذت الأحياء العشوائية بالإنتشار حتى بمناطق عمّان الغربية، وخير مثال على ذلك ما يحدث بمنطقة صويلح.  

وعليه، فإن الإلتزام بتسليم التقرير محمود، ولكن العبرة بالتطبيق الذي يبعدنا عن تحقيق تلك الأهداف، فهل نملك ترف الوقت لتحقيق أهداف الخطة الحضرية الجديدة حتى العام 2030.  


مواضيع قد تعجبك